--------------------------------------------------------------------------------
كان ذلك عندما نظرت مباشرة إلى كتلة متوهجة قابعة في لب السماء يسمونها الشمس .. كان ذلك التحدي بمثابة بادرة إدراك لعدة معاني و انعكاسات نعايشها و تنطبع على مجرى حياتنا كموجودات حسية مجردة من أية اعترافات أو انتباه أو تفاعل يعطيها حقها و يثمن انسحابها كنماذج على قضايا جليلة القدر في واقع الحياة الصرف .
الظل هو الشكل المرئي لحجب الشمس والنور.. لكنه على النقيض الطريف دليل الوجود و الكينونة و مقياس يمكن قياسه على الحجم و المقدار و التحرك و القدرة أيضا.
أن أملك ظلا لا يدلل على وجودي فحسب .. بل هو لي انطباع جيد يمثل قدرتي على حماية غيري و على العطاء و الانسجام مع متغيرات الحياة بتفوق . و لذ يعيّرني البعض لكثرة تلفتي حول جسدي نحو الأرض باحثا عن ظلي بانكماشه و استطالته و هذه عادة لا أجدها في غيري ..
فأنظر هكذا : ما أصعب أن يجد المرء نفسه بلا وجود كإطار خشبي فارغ متهتك الزوايا .. أن يفقد قدرته على العطاء و الانجاز و يصيّر نفسه عاجزا في مستهل الدرب .. أن لا تسعفه و لا تكفيه معطيات وجوده على اثبات نفسه و مزاياه ...
أن يموضع جسده الرخو مترهلا على الأريكة مسوغا ً انعدامه بالانتظار و الأمل ، الذي يصبح بشعا تضمحل بحضرته كل ألوان العزيمة و الهمم المشتعلة في صدور الأقوياء فقط !!
ما أصعب ذلك ... ما أصعب مبرر الأمل و الانتظار ..
ما أصعب أن يفقد الإنسان ظله !!